بين الحين و الاخر تنتشر مقولة. (ان الرسول صلي الله عليه و سلم كان يعرف جميع لغات العالم. و ان كلمة الرسول الأمي لا تعني ابدا بعدم معرفة القراءة و الكتابة).
الدليل من القرآن:
و ظاهر آيات القران الكريم و السنة و السيرة النبوية، ومنطق العقل يكشف بوضوح جلي بأن الرسول صلي الله عليه وسلم كان اميا. بمعني أنه صلي الله عليه وسلم لا يعرف القراءة او الكتابة. بل و كان هذا الأمر شرف له و من براهين صدق نبوءته و من دعائم رسالته.
فالقران الكريم يحدثنا صراحة ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) ﴾ سورة الجمعة
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ﴾ قال: كانت هذه الأمة أمِّيَّة لا يقرءون كتابًا. ( تفسير الطبري )
و الأكثر من ذلك هو توضيح سبب و شرف امية الرسول صلي الله عليه وسلم و أن صفة الأمية فيه هي من ركائز و قوة و دلائل رسالته فليست نقصا فيه بل هي تأكيد لشرفه و صدقه و صدق رسالته
وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) العنكبوت
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48)
يقول تعالى ذكره: (وَما كُنْتَ) يا محمد ( تَتْلُو ) يعني: تقرأ (مِنْ قَبْلِهِ) يعني: من قبل هذا الكتاب الذي أنـزلته إليك (مِنْ كِتَابٍ وَلا تخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) يقول: ولم تكن تكتب بيمينك، ولكنك كنت أمِّيًّا(إذًا لارْتابَ المُبْطِلَونَ)
يقول: ولو كنت من قبل أن يُوحَى إليك تقرأ الكتاب، أو تخطه بيمينك، (إذًا لارْتَابَ) يقول: إذن لشكّ -بسبب ذلك في أمرك، وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الذي تتلوه عليهم- المبطلون القائلون إنه سجع وكهانة، وإنه أساطير الأوّلين.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل * ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) قال: كان نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أمِّيا؛ لا يقرأ شيئا ولا يكتب.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ) قال: كان نبيّ الله لا يقرأ كتابا قبله، ولا يخطه بيمينه، قال: كان أُمِّيا، والأمّي: الذي لا يكتب.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو أسامة، عن إدريس الأودي، عن الحكم، عن مجاهد ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ) قال: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يخطّ بيمينه، ولا يقرأ كتابا، فنـزلت هذه الآية.(تفسير الطبري )
الدليل من السنة:
و من سنة النبي صلي الله عليه وسلم و سيرته يظهر انه لم يتلقى تعليما طوال حياته فقد كان فقيرا يرعي الغنم حتي شب و انتقل للعمل بالتجارة للسيدة خديجة رضي الله عنها
فلم يذكر الرسول صلي الله عليه وسلم انه تعلم في صغره، ثم إن طبيعة العرب آنذاك هي الشفاهة في نقل الاخبار و القصص و الشعر فلم يكن هناك متعلمين الا ما ندر .
و ما يبرز بوضوح ان الرسول صلي الله عليه وسلم لم يكن يعرف القراءة و الكتابة هو ما حدث في صلح الحديبية حينما اشترط سهيل بن عمر محو كلمة "رسول الله " من صحيفة المعاهدة و رفض الصحابة محوها فأمرهم الرسول صلي الله عليه وسلم ان يدلوه علي مكان الكلمة فمحاها صلي الله عليه و سلم بنفسه و ان دل ذلك فيدل علي انه صلي الله عليه وسلم كان اميا لا يكتب و لا يقرأ .
مشكلة البعض تكمن في انهم يعتبرون ان الأمية في حقه صلي الله عليه وسلم نقصا. لذا فربما يندفع بعض الخطباء والوعاظ بقصد او بغير قصد لنفي امية الرسول صلي الله عليه وسلم عنه بل و يدعي انه كان عليما بجميع لغات العالم و لكنهم لم يدركوا ان اميته هي شرف و إثبات و دليل قوي علي صدقه و صدق رسالته فهو الامي الذي علم العالم ...
اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا محمد النبي الامي و علي آله و صحبه و سلم . و غفر الله لنا أجمعين .
شارك برايك :